نداء الحية
Written by RadioSama on 8 May 2018
امام نداءات الحية مدت حواء يدها و اقتطفت من ثمار الشجرة، و امام تشجيع حواء تقدم آدم و اكل، كان الوعد بأن يصيران كالله عارفين الخير و الشر، جذابا و حقيقيا فى نفس الوقت، نعم لقد انفتحت اعينهما و صارا كالله عندما تخطيا حدود الوصية و كسرا كل حدود وضعت لحريتهم لكى تظل حريتهم حقيقية، فكل حرية تفقد حدودها و ضوابطها تتحول فورا الى عبودية قاسية، عبودية لرغباتنا و شهواتنا التى لا تنتهى و قسوتها فى وعودها الكاذبة ، فمع انهم صارا كالله لكنهم لم يصيرا الله بل ظلا انسانين مفتوحين العينين فرؤا ضعفهم و ادركوا عجزهم و تيقنوا بأن الحرية ليست موجودة خارج الاسوار كما اعتقدوا ، و هنا تسربت اليهم خيبة الامل و الخذى ، و امام شعورهم بالمسؤلية المصاحب للحرية التى سعوا للحصول على المزيد منها ، هربوا ، لانهم لم يجدوا الشجاعة الكافية للمواجهة .
كثيرا ما تساءلت كيف ماتا بالرغم من إنفتاح أعينهم ، الا يزيد ذلك من قدرتهم على الحياة و حريتهم فتصبح بلا حدود و الاهم بلا مراقب ، لماذا لم تتحقق كلمات المغنى عندما قال أنا اللى اقول فين و امتى و أنا اللى اختار ؟ ، لماذا حدث العكس تماما و الفعل الذى كان من المفترض ان يعطينى مزيدا من الحرية ، سلبنى حريتى و اصبحت تاءها بعد ما كنت صاحب مكان ؟ . كم من مرات استخدمنا حريتنا فى محاولة جادة للحصول على المزيد منها فوجدنا انفسنا نفقدها و كم من مرات أردنا بشدة ان تنفتح اعيننا فوجدناها لا تزيد الا ظلام . فى كل مرة نختار ان نقطف من ثمار الجنس خارج اطار الزواج تنفتح اعيننا على ما يصير بعد ذلك هو سبب آلامنا اللا متناهية ، فى كل مرة نكذب لكى نحصل على المزيد ، المزيد من اى شئ، نجد انفسنا عبيد لهذا الشئ و المزيد منه يعنى المزيد من العبودية .
قد يصلك انطباع من افكارى السابقة اننا فى كل الاحوال عبيد و لكن لنختار لمن ستكون عبوديتنا و الاختيارات محصورة بين العبودية للله او العبودية لحريتنا ، لكن واقع الامر مختلف بعض الشئ، فعبوديتنا لحريتنا تتحول مع الوقت الى عبودية للأشياء و عندما تأخذ الاشياء دفة قيادة حياتنا تصبح قيمتها اعلى من قيمتنا و نكتشف مع الوقت اننا فقدنا هويتنا و تحولت الوعود بالحرية الى وبال نزل بنا و نتمنى بأن نجد مخرج . لكن على الجانب الاخر فالله لم يقبل بعبوديتنا بل دعانا احباء ، ان قلبى يكاد يتوقف امام روعة هذه الحقيقة فقد جئتك راضيا بعبوديتك مستسلما لأوامرك خاضعا لكل قوانينك بعدما تيقنت انها اكثر رحمة من كل حرية مزيفة خارج اسوار وصاياك ، جئتك جاثيا على ركبتى مقبلا قدميك و غاسلا اياهم بدموعى مجففا اياهم بشعر رأسى واضعا كرامتى تحت قدميك ، و لكنك أبيت ان ادعى لك عبد و امسكت بيدى و رفعتنى و جعلتنى ابن ، ادخلتنى الى حجالك و انت الملك و اجلستنى بجوارك و انت المتسلط على كل شئ . هربت طمعا فى الحرية فلم اجد الا العبودية و عدت طمعا فى العبودية فوجدتك تقدم لى الحرية
استيفن اسكندر